بسم الله الرحمان الرحيم
مرحبا بكم في مدونة استفد
أقدم لكم موضوع مهم وهو الإعجاز القرآني
الإعجاز القرآني
والمعجزة. أمر خارق للعادة يُظهرُه الله على يد صاحب الرسالة، برهانًا قاطعًا على صدقه، وأنه مُبَلِّغٌ عن الله.
والمعجزة نوعان: حسية ومعنوية. وقد كانت كل معجزات الرسل الذين سبقوا محمدًا ³ من النوع الأول، كمعجزات موسى عليه السلام، مثل العصا المشار إليها في قوله تعالى: ﴿وما تلك بيمينك يا موسى ¦ قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى ¦ قال ألقها ياموسى ¦ فألقاها فإذا هي حية تسعى ¦ قال خُذْها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى﴾ طه: 17 ـ 21. وكمعجزة الناقة لصالح عليه السلام، وكإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى ـ بإذن الله ـ لعيسى عليه السلام وهكذا..
وهذه المعجزات قد انقضت بزمانها، وبقيت أخبارها للعبرة والعظة، ﴿لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يُفْتَرى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون﴾ يوسف : 111.
أما النوع الثاني فهو المعجزة المعنوية. وهي معجزة تدرك بالعقل. وهذه معجزة سيدنا محمد ³، وهي القرآن الكريم.
يثبت مما تقدم أن معجزات الأنبياء الذين سبقوا رسول الله ³، قد انقضت بانقضاء العصور التي نزلت فيها. وانتهت بانتهاء الأقوام الذين حلت بينهم، وكانت معجزات حسية. أما معجزة القرآن الكريم فهي باقية بقاء الرسالة المحمدية؛ ذلك أن رسالة رسول الله ³ قد استوعبت الزمان والمكان، فكان لابد من استمرار المعجزة، بمعنى أنه إذا ارتاب قوم في صدق رسول الله ³ في عصرنا الحاضر، فكيف نأتي بالرسول ليطالبوه بمعجزة تدل على صدقه؟ ومن هنا كان القرآن الكريم نفسه بيانًا ومعجزة في آن واحد.
وكلما تقدَّم العلم المادي، انكشف من وجوه إعجاز القرآن وجه يقمع رموز منكريه، ويهدي به الله الآلاف المؤلفة في كل عصر، وهو ما نشاهده الآن وما شاهدناه قبل الآن، وما ستشهده الأجيال القادمة بعد الآن بإذن الله.
مراحل التحدي في إعجاز القرآن. لقد تدرّج القرآن في تحدي القوم على مراحل: ففي المرحلة الأولى طلب منهم أن يأتوا بحديث مثله حينما قالوا: إنه حديث مُفْترى. فقال الله تعالى: ﴿فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين﴾ الطور: 34. فلما عجزوا عن الإتيان بمثله، طلب الله سبحانه وتعالى منهم أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات ـ على زعمهم ـ فقال جلَّ ذكره: ﴿أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين﴾ هود : 13. فلما عجزوا، طلب الله سبحانه منهم أن يأتوا بسورة مثله، كما جاء ذلك في قوله تعالى: ﴿وإن كنتم في ريب مما نزَّلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين﴾ البقرة : 23.
ولما تكرر التحدي لهم بمراحل مختلفة، وظهر عجزهم مرة بعد أخرى، جاء التحدي النهائي لهم: ﴿قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيرًا﴾ الإسراء : 88.
لذلك كانت حجة الرسول ³ أن الله تعالى قد أنزل عليه كتابًا عربيًا مبينًا، يعرف العرب ألفاظه، ويفهمون معانيه إلا أنهم لا يقدرون على الإتيان بمثله، ولا بعشر سور مثله، ولا بسورة واحدة مثله، ولو جهدوا جهدهم، واجتمع معهم الجن والإنس.
القدر المعجز من القرآن. مما تقدم من بيان مراحل التحدي في القرآن، يظهر أن القدر المعجز من القرآن هو الإتيان بمثل أقصر سورة من سوره، وإذا علمنا أن أقصر سورة هي سورة الكوثر، وبها ثلاث آيات، فإن القدر المعجز من القرآن هو ثلاث آيات فأكثر.
وجوه إعجاز القرآن الكريم. إنَّ وجوه إعجاز القرآن الكريم كثيرة يصعب عدها، ويعجز حصرها، وهذه ثلاثة أوجه منها على سبيل المثال:
إخباره بالغيب. وهو أمرٌ لا يقدر البشر عليه، فقد أخبر الله تعالى نبيَّه بأنه سيظهر دينه على الأديان، وذلك في قوله تعالى: ﴿هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون﴾ التوبة : 33. وقد حدث ذلك فعلاً. وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه إذا أغزى جيوشه، عرَّفهم ما وعدهم الله به من إظهار دينه، ليثقوا بالنصر، ويستيقنوا بالفوز.
ومن ذلك، ما أخبر به رسول الله ³ من قصص الماضين من الرسل وأممهم. ومعلوم أن محمدًا ³ كان أميّا لا يكتب ولا يقرأ، ولم يكن يعرف شيئًا من كتبهم، ثم أخبر بذلك، وكان صادقًا عليه الصلاة والسلام فيما أخبر به.
علومه ومعارفه. وبيان ذلك أن القرآن قد اشتمل على علوم ومعارف في هداية الخلق إلى الحق، بلغت من نبالة القصد ونصاعة الحجة وحسن الأثر وعموم النفع، مبلغًا يستحيل على محمد ³ ـ وهو رجل أمي نشأ بين الأميين كما تقدم ـ أن يأتي بها من عند نفسه. بل يستحيل على أهل الأرض جميعًا من علماء وأدباء وفلاسفة ومشرّعين وأخلاقيين أن يأتوا من تلقاء أنفسهم بمثلها.
وفاؤه بحاجات البشر. ومعنى ذلك أن القرآن جاء بهدايات تامة كاملة تفي بحاجات البشر في كل عصر ومصر، وفاءً لا يمكن وجوده في أي تشريع أو دين. ويتجلَّى ذلك واضحًا في المقاصد النبيلة التي رمى إليها القرآن من إصلاح العقائد والعبادات والأخلاق؛ ومن إصلاح المجتمع وإصلاح الحكم، من سياسة واقتصاد وما إلى ذلك ... إلخ.
وخلاصة القول أن القرآن قد احتوى على علوم ومعارف لم يجمعها كتاب من الكتب، ولا أحاط بعلمها أحد، في كلمات قليلة وأحرف معدودة، كما قال تعالى: ﴿ونزّلنا عليك الكتاب تبيانًا لكل شيء﴾ النحل : 89.
فالقرآن قد جمع علوم الأولين والآخرين بحيث لم يحط بها علمًا إلا واهبُها جلّ وعلا، ثم رسوله محمد ³، عدا ما أستأثر به سبحانه. وقد وَرِث هذا العلم عن رسول الله ³ صحابتهُ والتابعون لهم بإحسان، ثم علماء هذه الأمة إلى يوم القيامة.
أتمنى أن يعجبكم هذا الموضوع
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
يمكنك نسخ روابط هذه التدوينة | |
URL | |
HTML | |
BBCode |
1 التعليقات:
بارك الله فيك أخي
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).